ذاتك أمام الله
قداسه البابا شنوده الثالث
ومرة أخري يا أخي الحبيب أريد أن أحدثك عن ذاتك، ذاتك التي تحبها وتثق بها اكثر من الله أحيانا. أن لم تنكر هذه الذات فهيهات ان تتمتع بجمال إنطلاق الروح.
ان كانت المحبة هي الوصية الأولي في المسيحية، فان إنكار الذات هو الطريق الأول إلي المحبة.
أنك لا تستطيع مطلقاً أن تحب الله والناس، طالما أنت تهتم بذاتك ولذاتك. لذلك عليك أن تنطلق اولا من هذه الذات، فقد قال السيد له المجد: من اراد أن يتبعي فلينكر ذاته ويحمل صليبه ويتبعني {م38:8}. وهكذا جعل إنكار الذات اول كل شئ.
ليكن هدفك إذن يا أخي الحبيب هو أخفاء ذاتك في الله بحيث لا يكون لك وجود مستقل عنه، لتقل كمل قال معلمنا بولس الرسول: {لكي أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في} {غل20:2}.
أن اردت أن يكون لك مجد، فلا يكن مجدك من الله وعند الله كرر هذه الآية دائما: {مجدني أنت ايها الآب عن ذاتك} {يو5:17}. لا تبحث عن مجدك في العالميات {فالعالم يبيد وشهوته معه} أما أنت فأبن الله، وأما أنت {فهيكل الله وروح الله حال فيك}، لست من دم ولا مشيئة جسد ولا مشيئة رجل بل من الله ولدت، وروحك نفخة من الله، نسمة من فيه.. وأنت في كل قداس تتناول جسد الله ودمه، والله يريدك أن تتحد به، تثبت فيه، فلماذا إذن هذا المجد العظيم كله، وتبحث عن مجدك في التراب؟
لماذا يهمك راي الناس فيك، فتسر بمديحهم. وتدافع عن نفسك أن هاجموك، وتتسول رضاهم بحديثك عن نفسك؟ أما زلت يا أخي تحب التراب ومجد التراب؟ أم مازالت نفسك تمثالا تقدم له الذبائح والقرابين – أنكر ذاتك، وركز محبتك كلها في الله وحده. قل كما قال يوحنا المعمدان {ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقص، {يو30:3}.
أتتهامس في تذمر وتقول {لا أريد أن أنقص}.
أعلم إذن أنك سوف لا تنقص الا الشوائب التي تعكر نقاوة عنصرك، سوف لا تنقص ألا المجد العالمي، ذلك التراب الذي علق بك، والذي ينبغي أن تنقضه لترجع نظيفاً كما خلقك الله وكما يريدك دائما أن تكون.
هذا من وجهة علاقتك بالناس، ولكني أريد أن أخاطبك أيضاً من جهة نظرتك إلي نفسك وموقفك أمام الله. ان اردت لروحك ان تنطلق فقف امام الله كجاهل لا تعرف شيئاً. لست اقصد أن تدعي الجهل أو تتظاهر به، فالله لا ينخدع ولا يحب المدعين، إنما اعتقد يقينا – في تصريف كل أمر – ان ذاتك ينبغي ان تختفي ليظهر المسيح، ليس امام الناس فحسب، وإنما أمام نفسك أيضاً. قل له يارب أني احكم حسب الظاهر، وقل له ياربي أني ضعيف لا أستطيع مقاومة الشياطين، قل له ايضاً أن النتائج في يده وأطلب منه أن يتدخل فيرشدك، أو يسكن فيك ويعمل بك. وعندما يأتي الناس ليمدحوك علي فعلك، لا تفتخر ولا تتظاهر بالتواضع، إنما أتخذها فرصة أن تجلس معهم وترنم ذلك المزمور الخالد {لولا أن الرب كان معنا، فليقل إسرائيل لولا أن الرب كان معنا، حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء.. إذن لغرقنا في الماء وجازت نفوسنا السيل} {مز123}.
وعندما تعرض لك خطية، لا تثق بقوة روحك، ولا بماضيك في الإنتصار
{فقد طحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياء} {أم26:7}.
إنما اعتقد أن النصرة من عند الله، وإن تخلي عنك في أبسط الخطايا فسوف تسبه أهل سدوم. أنما رتل ذلك المزمور الجميل.
{وأنت عرفت سبيلي. في الطريق التي أسلك اخفوا لي. نظرت إلي اليمين وأبصرت وليس من يعرفني. ضاع المهرب مني وليس من يسأل عن نفسي. فصرخت إليك يارب وقلت أنت هو ملجأي ورجائي في أرض الأحياء.. نجني من مضطهدي لأنهم قد اعتزوا أكثر مني} {مز141}.
يا اخي الحبيب. أنك لست شيئاً، فاعترف بهذا أمام الله وأمام نفسك،؟ وكلما فكرت أنك تستطيع عمل شئ، ارجع إلي ذاتك مرة أخري، وقل: من انا يارب حتي أقف امام فرعون وأخرج بني إسرائيل من مصر!{خر11:3} فإن أقنعك الله بإنه سيكون لك فما، وأنه ستيكلم علي لسانك، وأنك سوف لا تكون إلا أداة، حينئذ استمر في حياتك. ان سرت في وداي ظل الموت فسوف لا تخاف شرا، وان قام عليك جيش ففي ذلك ستكون مطمئنا. حينئذ اذكرني أنا التراب النجس، لكي نتقابل معا. هناك...
منقووول
قداسه البابا شنوده الثالث
ومرة أخري يا أخي الحبيب أريد أن أحدثك عن ذاتك، ذاتك التي تحبها وتثق بها اكثر من الله أحيانا. أن لم تنكر هذه الذات فهيهات ان تتمتع بجمال إنطلاق الروح.
ان كانت المحبة هي الوصية الأولي في المسيحية، فان إنكار الذات هو الطريق الأول إلي المحبة.
أنك لا تستطيع مطلقاً أن تحب الله والناس، طالما أنت تهتم بذاتك ولذاتك. لذلك عليك أن تنطلق اولا من هذه الذات، فقد قال السيد له المجد: من اراد أن يتبعي فلينكر ذاته ويحمل صليبه ويتبعني {م38:8}. وهكذا جعل إنكار الذات اول كل شئ.
ليكن هدفك إذن يا أخي الحبيب هو أخفاء ذاتك في الله بحيث لا يكون لك وجود مستقل عنه، لتقل كمل قال معلمنا بولس الرسول: {لكي أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في} {غل20:2}.
أن اردت أن يكون لك مجد، فلا يكن مجدك من الله وعند الله كرر هذه الآية دائما: {مجدني أنت ايها الآب عن ذاتك} {يو5:17}. لا تبحث عن مجدك في العالميات {فالعالم يبيد وشهوته معه} أما أنت فأبن الله، وأما أنت {فهيكل الله وروح الله حال فيك}، لست من دم ولا مشيئة جسد ولا مشيئة رجل بل من الله ولدت، وروحك نفخة من الله، نسمة من فيه.. وأنت في كل قداس تتناول جسد الله ودمه، والله يريدك أن تتحد به، تثبت فيه، فلماذا إذن هذا المجد العظيم كله، وتبحث عن مجدك في التراب؟
لماذا يهمك راي الناس فيك، فتسر بمديحهم. وتدافع عن نفسك أن هاجموك، وتتسول رضاهم بحديثك عن نفسك؟ أما زلت يا أخي تحب التراب ومجد التراب؟ أم مازالت نفسك تمثالا تقدم له الذبائح والقرابين – أنكر ذاتك، وركز محبتك كلها في الله وحده. قل كما قال يوحنا المعمدان {ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقص، {يو30:3}.
أتتهامس في تذمر وتقول {لا أريد أن أنقص}.
أعلم إذن أنك سوف لا تنقص الا الشوائب التي تعكر نقاوة عنصرك، سوف لا تنقص ألا المجد العالمي، ذلك التراب الذي علق بك، والذي ينبغي أن تنقضه لترجع نظيفاً كما خلقك الله وكما يريدك دائما أن تكون.
هذا من وجهة علاقتك بالناس، ولكني أريد أن أخاطبك أيضاً من جهة نظرتك إلي نفسك وموقفك أمام الله. ان اردت لروحك ان تنطلق فقف امام الله كجاهل لا تعرف شيئاً. لست اقصد أن تدعي الجهل أو تتظاهر به، فالله لا ينخدع ولا يحب المدعين، إنما اعتقد يقينا – في تصريف كل أمر – ان ذاتك ينبغي ان تختفي ليظهر المسيح، ليس امام الناس فحسب، وإنما أمام نفسك أيضاً. قل له يارب أني احكم حسب الظاهر، وقل له ياربي أني ضعيف لا أستطيع مقاومة الشياطين، قل له ايضاً أن النتائج في يده وأطلب منه أن يتدخل فيرشدك، أو يسكن فيك ويعمل بك. وعندما يأتي الناس ليمدحوك علي فعلك، لا تفتخر ولا تتظاهر بالتواضع، إنما أتخذها فرصة أن تجلس معهم وترنم ذلك المزمور الخالد {لولا أن الرب كان معنا، فليقل إسرائيل لولا أن الرب كان معنا، حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء.. إذن لغرقنا في الماء وجازت نفوسنا السيل} {مز123}.
وعندما تعرض لك خطية، لا تثق بقوة روحك، ولا بماضيك في الإنتصار
{فقد طحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياء} {أم26:7}.
إنما اعتقد أن النصرة من عند الله، وإن تخلي عنك في أبسط الخطايا فسوف تسبه أهل سدوم. أنما رتل ذلك المزمور الجميل.
{وأنت عرفت سبيلي. في الطريق التي أسلك اخفوا لي. نظرت إلي اليمين وأبصرت وليس من يعرفني. ضاع المهرب مني وليس من يسأل عن نفسي. فصرخت إليك يارب وقلت أنت هو ملجأي ورجائي في أرض الأحياء.. نجني من مضطهدي لأنهم قد اعتزوا أكثر مني} {مز141}.
يا اخي الحبيب. أنك لست شيئاً، فاعترف بهذا أمام الله وأمام نفسك،؟ وكلما فكرت أنك تستطيع عمل شئ، ارجع إلي ذاتك مرة أخري، وقل: من انا يارب حتي أقف امام فرعون وأخرج بني إسرائيل من مصر!{خر11:3} فإن أقنعك الله بإنه سيكون لك فما، وأنه ستيكلم علي لسانك، وأنك سوف لا تكون إلا أداة، حينئذ استمر في حياتك. ان سرت في وداي ظل الموت فسوف لا تخاف شرا، وان قام عليك جيش ففي ذلك ستكون مطمئنا. حينئذ اذكرني أنا التراب النجس، لكي نتقابل معا. هناك...
منقووول